المقدمة
تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحوّلًا عميقًا في بنيتها الاقتصادية. فمع تسارع خطط تنويع الاقتصاد بعيدًا عن الاعتماد على النفط، برز القطاع الخاص كمحرّك رئيسي للمرونة الاقتصادية، وخلق فرص العمل، وتعزيز الابتكار.
وبالاستناد إلى خبرتي الممتدة لعقود عبر أكثر من 20 سوقًا، أؤمن أن موجة النمو القادمة في المنطقة ستكون بقيادة القطاع الخاص، مدفوعة برؤوس أموال استراتيجية، وقيادات طموحة، وبيئة أعمال أكثر مرونة واحترافية.
لتحوّل نحو هيمنة القطاع الخاص
في العقد الأخير، انتقل المشهد الاقتصادي الإقليمي من الإنفاق الحكومي على البنية التحتية إلى تمكين ريادة الأعمال، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتوسيع الشركات. دول الخليج مثل الإمارات والسعودية وقطر أطلقت رؤى وطنية طموحة ترتكز على دور القطاع الخاص في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والرعاية الصحية واللوجستيات والسياحة.
معلومة مهمة: من المتوقع أن تتجاوز مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي في المملكة العربية السعودية نسبة 65% بحلول عام 2030 ضمن رؤية 2030.
القطاعات الأكثر جذبًا للاستثمار
استنادًا إلى تواصلي المستمر مع رواد الأعمال والمستثمرين، نلاحظ توجهًا استثماريًا واضحًا نحو القطاعات التالية:
- الطاقة النظيفة والمتجددة: خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر.
- الرعاية الصحية والتقنيات الطبية: مدفوعة بإصلاحات ما بعد كوفيد والتحوّل الرقمي.
- البنية التحتية الذكية واللوجستيات: نتيجة نمو المشاريع الكبرى وزيادة التجارة العابرة للحدود.
- التكنولوجيا والتكنولوجيا المالية: مجال سريع النمو يحظى باهتمام صناديق رأس المال الجريء وحلول الذكاء الاصطناعي.
- التعليم وتطوير المهارات: بسبب التركيبة الديمغرافية الشبابية وارتباطها برؤية الابتكار.
ما الذي يبحث عنه المستثمرون اليوم؟
المستثمرون الإقليميون والعالميون اليوم أكثر انتقائية، وهم يبحثون عن:
- وضوح تنظيمي: أنظمة قانونية وضريبية شفافة.
- نماذج أعمال قابلة للتوسع: تحقق قيمة مستدامة على المدى الطويل، وليست مجرد ضجة إعلامية.
- مواءمة مع مبادئ ESG: الأثر البيئي والاجتماعي أصبح أمرًا أساسيًا لا يمكن تجاهله.
- شراكات محلية موثوقة: خصوصًا في الأسواق الناشئة مثل العراق والسودان والجزائر.
العراق: فرصة استثمارية غير مستغلة بعد
من خلال تجربتي في تأسيس وتوسيع أعمال في العراق، يمكنني القول بثقة إن الفرصة هناك تاريخية رغم التحديات. فالعراق بحاجة ماسة إلى تطوير البنية التحتية، وتنويع مصادر الطاقة، وخدمات رقمية، ومشاريع إسكان — وكلها تمثل فرصًا هائلة للمستثمرين الجريئين.
مستقبل القطاع الخاص: مفاتيح النجاح الحقيقي
لكي ينجح المستثمرون ورواد الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال السنوات القادمة، يجب أن:
- يتبنّوا رؤية طويلة المدى: بعيدًا عن المضاربات السريعة.
- يستثمروا في الكفاءات المحلية: فرأس المال البشري هو الفارق الحقيقي.
- يُدمجوا التكنولوجيا بعمق: التحوّل الرقمي لم يعد خيارًا بل ضرورة.
- يبنوا الثقة: الحكومات تبحث عن شركاء يتمتعون بالشفافية والأثر الحقيقي.
كلمة ختامية
لم تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مجرد مصدر للنفط، بل أصبحت مصدرًا للأفكار الجريئة، والشركات القوية، والأسواق الصاعدة. أمام القطاع الخاص دور تاريخي في رسم ملامح المستقبل. ولمن يمتلك الرؤية والإرادة، فالفرصة الآن.