مع “طلة كل شمس” تبني بغداد وعمّان، مدماكا جديدا وعاليا في بنيان العلاقة الأخوية والمصالح المشتركة، على كافة الصُعد والمسارات، تحقيقا لرؤية واضحة، تصبُ بنهاية المطاف في خدمة الشعبين الشقيقين.
لقد جسّدت العلاقة التاريخية بين الأردن والعراق، إنموذجا حيا ومثالا يحتذى في صورة العلاقات بين الدول والكيانات السياسية بشكل عام، والبلدان العربية بشكل خاص، إذ تعدت العلاقة “الأردنية – العراقية” الخطوط الدبلوماسية الشكلية، إلى مساحة أوسع وإطار أرحب من التعاون والتكامل في عناوين رئيسية متعددة، تعكس آمال العراقيين في تجذير الأمن والبناء والنهضة والانفتاح التجاري والاقتصادي، وتطلعات الأردنيين في تعميق علاقة استراتيجية قوامها “مصلحة الأردن والعراق” أولا وأخيرا.
لقد كان الأردن على الدوام، قيادة وحكومة وشعبا في صف العراق والعراقيين، كما وينظر أبناء العراق إلى الأردن على أنه شرفتهم التي يطلون منها إلى الدنيا والعالم، وعليه كانت الجغرافيا وطول المسافة بين “بغداد وعمان” ما هي إلا “كيلو مترات” تسابق “أسود الرافدين والنشامى”، لطويها تحقيقا لهذه التطلعات وتلك الآمال.
يلعب الاقتصاد والاستثمار دورا محوريا واستثنائيا في ترسيخ العلاقات العراقية – الأردنية، لما يشكله الجانب الاقتصادي من أهمية حيوية في التكامل والتفاعل الإيجابي في شكل هذه العلاقة، وعليه تلونت أشكاله وأدواته، وهنا يبرز ملف الطاقة في “إنارته” الطريق للمضي قدوما بهذه العلاقة نحو آفاق أشمل، ومعادلة تتخلى عن اعتبارات الربح والخسارة، إلى معطيات ومكاسب حقيقية وواقعية، يتلمسها المواطن البسيط في كل “زقاق وناحية من أرض العراق الحبيب.. وقرية ولواء في أرض الأردن النفيس”، لنصل إلى موسم الحصاد الوفير في العلاقة الاستراتيجية بين الأردن والعراق.
تتعدد أشكال التعاون الاقتصادي بين البلدين، فمن مشروع الربط الكهربائي الذي وُضع حجر أساسه ، والذي تشير الدراسات والتوقعات الرسمية إلى أنه سيزود العراق في مرحلته الأولى بطاقة كهربائية مصدرها الأردن تصل إلى 150 ميجاواط، تمتد من محطة الريشة الأردنية إلى منطقة القائم في العراق، بطول 330 كيلومترا، مع الإشارة إلى أن هذا المشروع، يتضمن أيضا مرحلة ثانية وثالثة لتزويد العراق بـ 500 ميجاواط في المرحلة الثانية و 900 ميجاواط خلال المرحلة الثالثة.