التكنولوجيا في الشرق الأوسط: فرص تتجاوز النفط

معرض الصور

التقويم

سبتمبر 2025
س د ن ث أرب خ ج
 12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
27282930  

التصنيفات

مقدمة

على مدار عقودٍ طويلة، كان اقتصاد الشرق الأوسط مرادفًا للنفط. أما اليوم، فنشهد رواية جديدة تتشكّل: طفرة رقمية تجعل من منطقتنا إحدى أسرع حواضن التكنولوجيا نموًا في العالم. من منصات التجارة الإلكترونية والتقنيات المالية المبتكرة إلى الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي – باتت التكنولوجيا المحرّك الجديد للنمو. وبوصفي مستثمرًا نشطًا عبر أسواق الخليج وشمال أفريقيا، أرى بأمّ عيني كيف تعيد الابتكارات رسم خارطة الفرص في منطقتنا.

موجة جديدة من الشركات الناشئة

 شهدت السنوات القليلة الماضية ازدهارًا غير مسبوق في نشاط ريادة الأعمال التقنية عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فـ الشركات الناشئة المحلية تحصل على تمويل قياسي – أكثر من 3.9 مليار دولار في عام 2023 وحده. قصص النجاح مثل كريم وأنغامي مهّدت الطريق، وألهمت جيلًا من مؤسسي شركات التكنولوجيا. والأهم أن هذه الطفرة لا تقتصر على مدينة أو دولة بعينها؛ فمن الرياض ودبي إلى القاهرة وبغداد، تنمو منظومات الابتكار في كل مكان. يذكّرني هذا الزخم ببدايات وادي السيليكون، ولكنه بطابع إقليمي فريد – حيث يحلّ رواد أعمال منطقتنا تحديات محلية بحلول تقنية عالمية.

الحكومات تراهن على الابتكار

 يقف وراء هذه الطفرة دعم قوي من الحكومات الإقليمية. مبادرات رؤيوية – مثل رؤية السعودية 2030 والاستراتيجية الوطنية للابتكار في الإمارات – تضخّ استثمارات في البنية التحتية التقنية. تطلق الصناديق السيادية والحكومية حاضنات أعمال، ومدنًا تكنولوجية، ومشاريع ضخمة تتمحور حول الذكاء الاصطناعي والمدن الذكية والطاقة النظيفة. في السعودية مثلًا، تعكس أرقام الاستثمار الجريء القياسية (أكثر من 2 مليار دولار في النصف الأول من 2025) دعمًا استراتيجيًا لقطاعات التكنولوجيا المالية والتجارة الإلكترونية والصحة الرقمية. وعلى امتداد الخليج، تشير الهاكاثونات الحكومية، والتحول الرقمي للخدمات، وأكاديميات البرمجة إلى رسالة واضحة: التنويع الاقتصادي عبر التكنولوجيا هو أولوية قصوى.

ردم فجوة البنية التحتية والمهارات

 لا تزال هناك تحديات على الطريق نحو اقتصاد رقمي متكامل. تواجه عدة دول فجوات في البنية التحتية الرقمية – تفاوتًا في سرعة الإنترنت وانتشار الخدمات الرقمية، وضعفًا في أنظمة الدفع الإلكتروني والخدمات اللوجستية. والأهم، هناك فجوة في المواهب: ما زالت أنظمتنا التعليمية تتأخر عن تزويد الشباب بالمهارات المطلوبة لمستقبل تقوده التكنولوجيا. يبلغ معدل بطالة الشباب حوالي 25% في المنطقة، ومع ذلك تجد شركات التقنية صعوبة في العثور على عدد كافٍ من المطوّرين ومحللي البيانات والمبتكرين. الحل؟ الاستثمار في العقول البشرية. علينا إعادة صياغة التعليم للتركيز على العلوم والتكنولوجيا وريادة الأعمال، وتشجيع برامج التدريب بقيادة القطاع الخاص، واستقطاب الكفاءات المغتربة للعودة إلى أوطانها. وبالمثل، على رواد الأعمال الناجحين توجيه الجيل القادم ونشر ثقافة الابتكار.

ما بعد النفط: نحو اقتصاد رقمي

 توفر التكنولوجيا والابتكار لبلدان الشرق الأوسط فرصة غير مسبوقة – مسارًا لتنويع الاقتصادات بعيدًا عن النفط والقفز نحو المستقبل. كل تطبيق جديد يُطلق، وكل مركز تقني يُقام، وكل شركة ناشئة تتوسع إلى أسواق جديدة، كلها تعزّز صمود اقتصاداتنا. ومن تجربتي، فإن الدول التي تتبنى الابتكار هي التي ستكتب الفصل القادم من ازدهار المنطقة. يجب أن يواصل القطاع الخاص تخطي الحدود، ويجب أن يستمر القطاع العام في توفير البيئة الداعمة.

خاتمة

 إن طفرة التكنولوجيا في الشرق الأوسط ليست مجرد موجة عابرة – إنها تحول جذري. عبر تسخير إبداع وطموح شبابنا، والاستثمار في مستقبل رقمي، يمكن لمنطقتنا أن تصبح ليس مجرد مستهلك للتكنولوجيا العالمية، بل مبتكرًا ومُنتِجًا لها. الفرصة أمامنا الآن، والعالم يراقب. لقد حان وقت الابتكار والتعاون لتحويل منطقتنا إلى قوة عالمية في مجال التكنولوجيا.