على مدار العقود الماضية، ارتبط اسم العراق بالنفط، باعتباره أحد أبرز القوى التقليدية في مجال الطاقة. لكن اليوم، يلوح في الأفق مسار جديد قد يُعيد تموضع العراق على خريطة الطاقة العالمية: الهيدروجين الأخضر.
الهيدروجين الأخضر – الذي يُنتج من خلال مصادر الطاقة المتجددة كالشمس والرياح – يُوصف بـ “وقود المستقبل”. فقد بدأت دول أوروبية وآسيوية بالفعل بضخّ مليارات الدولارات في هذا المجال، بينما أطلقت دول الخليج كالسعودية والإمارات وسلطنة عُمان استراتيجيات وطنية واضحة للهيدروجين. فهل يستطيع العراق اللحاق بهذه الموجة؟
🟩 العراق يمتلك المقوّمات الفعلية
موقع العراق الجغرافي وموارده يجعلان منه مرشحًا مثاليًا. فهو يمتلك:
- معدلات سطوع شمسي عالية في مناطق الجنوب والغرب.
- مساحات شاسعة قابلة للاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة.
- قربًا جغرافيًا من الأسواق الأوروبية والآسيوية المستوردة للهيدروجين.
- كفاءات بشرية مدرّبة بمعايير عالمية في قطاع الطاقة.
ومع وجود استثمار استراتيجي وسياسة حكومية واضحة، يمكن للعراق أن يصبح مصدرًا رئيسيًا للهيدروجين الأخضر، لا سيما لأوروبا التي تبحث بقوة عن بدائل مستدامة للطاقة.
🟥 لكن التحديات حقيقية
رغم الإمكانيات، إلا أن العراق يواجه عقبات يجب أخذها على محمل الجد:
- فجوات البنية التحتية: لا توجد حتى الآن خارطة طريق وطنية للهيدروجين.
- تعقيدات سياسية: قد تثني بعض المستثمرين بعيد المدى.
- منافسة إقليمية: من دول مجاورة تتحرك بوتيرة أسرع.
- المعادلة الاقتصادية: تحدي الموازنة بين الاعتماد على عائدات النفط والطموحات النظيفة.
الفرصة الكبرى لا تكفي فيها الرؤى وحدها؛ بل تتطلب تنفيذًا ممنهجًا وشراكات جادّة ودعمًا حكوميًا جريئًا.
🟨 نافذة استراتيجية لا تنتظر طويلاً
الوقت عامل حاسم. السعودية عبر مشروع نيوم تُخطّط لتكون مركزًا عالميًا للهيدروجين بحلول عام 2030. سلطنة عُمان وقّعت اتفاقيات بمليارات الدولارات. المستثمرون يتحرّكون الآن، وليس بعد خمس سنوات. ما يحتاجه العراق بشكل عاجل هو:
- وضع استراتيجية وطنية واضحة للهيدروجين الأخضر.
- شراكات بين القطاعين العام والخاص لتسريع التنفيذ.
- حوافز للاستثمار في البنية التحتية للطاقة المتجددة.
- برامج تدريب متخصصة لإعادة تأهيل الكوادر العراقية في تقنيات الهيدروجين.
🌍 ما وراء الطاقة: السيادة والمستقبل
الهيدروجين الأخضر لا يمثل مجرد تحول في مصدر الطاقة، بل خطوة استراتيجية نحو تنويع الاقتصاد العراقي، وتعزيز سيادته، والاستعداد لمتطلبات المستقبل. وبحكم خبرتي في قيادة استثمارات متنوعة في قطاعات النفط والغاز والطاقة المتجددة في أكثر من 20 سوقًا، أؤمن بأن العراق لا يزال أمامه فرصة تاريخية – لكن بشرط أن يتحرك الآن، لا لاحقًا.