المقدمة
يُعد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أكثر مناطق العالم شبابًا. فأكثر من نصف سكان منطقتنا دون سن الثلاثين – وهي موجة ديمغرافية يمكن أن تُطلق طفرة غير مسبوقة، أو تشكل عبئًا على اقتصاداتنا ومجتمعاتنا. كباحث عن النجاح وكأبٍ فخور، أرى هذا الازدهار الشبابي أعظم مورد غير مستغل في منطقتنا. ويبقى السؤال: هل نستثمر هذه الطاقة الشابة أم نبدّدها؟
الميزة الديمغرافية
على العكس من الاقتصادات التي يشيب سكانها، يمنح شباب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المنطقة أفضلية تنافسية فريدة. فهناك فيضٌ من المواهب والطاقة يتدفق إلى سوق العمل كل عام. هؤلاء الشباب والشابات متمرسون تكنولوجيًا، مرتبطون بالعالم، ومتعطشون لإثبات ذاتهم. لقد رأيت خريجين عراقيين يُطلقون شركات ناشئة من هواتفهم الذكية، وشبابًا إماراتيين يقودون مشاريع ابتكار بيئي. مع التوجيه الصحيح، يمكن لهذا الجيل أن يقود الابتكار والنمو بمستوى غير مسبوق. لكن للاستفادة من هذه الميزة الديمغرافية، علينا توفير الفرص التي ترتقي إلى طموحاتهم.
تعليم للمستقبل
إن أساس أي نهضة يقودها الشباب هو تعليم ذو جودة عالية. ما زالت العديد من أنظمتنا التعليمية راسخة في أساليب قديمة، مما يترك الخريجين غير مؤهلين لوظائف اليوم. بحلول 2030، ستهيمن التكنولوجيا والطاقة الخضراء والصناعات الإبداعية على سوق العمل. علينا إعادة توجيه المناهج جذريًا لتشمل التفكير النقدي ومهارات البرمجة وتقنية المعلومات وريادة الأعمال والتعليم التقني. وبالمثل، يجب غرس عقلية التعلم المستمر لدى الشباب. في شركاتي، أطلقنا برامج تدريب عملي وشراكات مع الجامعات لردم الفجوة بين التعليم النظري والتطبيق. نحن مدينون لشبابنا بأن نزوّدهم ليس فقط بشهادات جامعية، بل بمهارات تؤهلهم للازدهار في الاقتصاد الجديد.
من باحثين عن عمل إلى صُنّاع فرص
لا يمكن للحكومة وحدها استيعاب الملايين من طالبي العمل الشباب. يجب على القطاع الخاص أن ينهض لتحويل الشباب إلى مولدي فرص عمل. يتطلب ذلك بناء منظومة لريادة الأعمال: تسهيل الوصول إلى التمويل التأسيسي، إنشاء حاضنات أعمال في كل مدينة كبرى، وشبكات إرشاد تربط القادة ذوي الخبرة برواد الأعمال الشباب. لقد قمت بتوجيه رواد أعمال في العراق والأردن، وشيء واحد كان واضحًا – عندما نمكّن الشباب من الابتكار، فإنهم لا يخلقون فرص عمل لأنفسهم فقط، بل للآخرين أيضًا. علينا الاحتفاء بهؤلاء الذين يخاطرون ويبتكرون ودعمهم. كل مشروع جديد – سواء كان تطبيقًا تقنيًا، أو مشروعًا زراعيًا مستدامًا، أو مؤسسة اجتماعية – هو لبنة في اقتصاد أكثر تنوعًا ومتانة.
الشباب في مواقع القيادة
أخيرًا، نحن بحاجة إلى سماع أصوات الشباب في مواقع صنع القرار. من المشجع رؤية المزيد من مجالس الشباب، ووزراء من الشباب، وممثلي الشباب في المنتديات الإقليمية. لكن الشمول الحقيقي يتطلب ما هو أعمق: يجب أن تُشرك الشركات المهنيين الشباب في موائد التخطيط الاستراتيجي، وعلى الحكومات استشارة الشباب في السياسات التي تمسّهم، وعلى المجتمعات تشجيع المبادرات التي يقودها الشباب. خلال جهود إعادة الإعمار في العراق، وجدت أن المشاريع التي تضمنت مهنيين شباب لم تقدم أفكارًا جديدة فحسب، بل زرعت الأمل والشعور بالمسؤولية في المجتمع. عندما يرى الشباب مستقبلاً لهم في أوطانهم – كقادة ومبتكرين وصنّاع تغيير – فسوف يصبّون طاقاتهم في بناء ذلك المستقبل.
الخاتمة
إن ما يسمى بـ”الانفجار الشبابي” ليس عبئًا – بل هدية. إذا استثمرنا في شبابنا عبر التعليم والتمكين والثقة، فسوف يحققون شرقًا أوسط أكثر ازدهارًا وحيوية واستقرارًا. شبابنا مستعدون لبناء غدٍ أكثر إشراقًا. وتقع المسؤولية علينا جميعًا – قادة الأعمال والحكومات والمجتمع – أن نوفر لهم الأدوات والفرصة للقيام بذلك. مستقبل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيكتبه شباب اليوم.