مقدمة: أمة على أعتاب تحوّل اقتصادي
يقف العراق اليوم على مفترق طرق اقتصادي. بعد عقود من هيمنة الدولة على السوق، بدأت المبادرات الخاصة تأخذ زمام المبادرة. فرص الابتكار والنمو والتقدم الوطني لم تكن يومًا بهذا الوضوح. ومن خلال رحلتي في تأسيس شركات في مجالات الطاقة والبنية التحتية والصناعة داخل العراق، عايشت التحديات عن قرب كما شاهدت الإمكانات الهائلة غير المستغلة.
هذا المقال ليس تحليلاً نظريًا. بل شهادة من الواقع، ورؤية لما هو قادم.
من الأزمة إلى رأس المال: الواقع يتغيّر
شهد الاقتصاد العراقي بعد 2003 سنوات من التقلبات: عدم استقرار سياسي، ضعف في البنية التحتية، واعتماد مفرط على الإنفاق العام. لكن اليوم، بدأت المعادلة تتغير. قوانين استثمارية جديدة، إصلاحات في القطاع المصرفي الخاص، ومبادرات التحوّل الرقمي كلها تخلق أرضية أكثر خصوبة لريادة الأعمال.
🔹 الناتج المحلي غير النفطي آخذ في الارتفاع
🔹 بيئة ريادة الأعمال بدأت بالتشكّل
🔹 ريادة الأعمال الشبابية في تسارع مستمر
لم يعد الحديث عن القطاع الخاص مجرد شعار — بل يتبلور واقعًا ليصبح عماد مستقبل العراق.
رحلة المؤسس: البناء وسط التعقيد
حين بدأت أول مشروع لي في العراق، كانت العقبات كثيرة:
- غموض تشريعي وتنظيمي
- شحّ التمويل.
- نظرة تشكّك تجاه الملكية الخاصة.
لكن بالمثابرة، وبناء الشراكات الصحيحة، والمواءمة مع أولويات الدولة، تمكنّا من تأسيس شركات توفر اليوم فرص عمل للمئات وتخدم قطاعات حيوية. القاعدة الذهبية؟ ابنِ ما يخدم حاجة وطنية حقيقية. في قطاع الطاقة، كانت الحاجة إلى الموثوقية. في العقارات، إلى جودة الإسكان. في التكنولوجيا، إلى الاتصال وتوظيف الشباب.
أين تتجه رؤوس الأموال الذكية؟
اليوم، أرى خمس قطاعات في العراق تتمتع بفرص حقيقية وقابلة للتوسع:
- الطاقة المتجددة وتحديث الشبكات.
- البنية التحتية الرقمية والتكنولوجيا المالية.
- الخدمات اللوجستية والمراكز التجارية.
- الخدمات الصحية.
- البناء والإسكان الذكي.
المستثمرون من القطاع الخاص والجاليات في الخارج يراقبون. السؤال ليس هل سينمو العراق — بل من سيقود هذا النمو.
الإصلاح يحتاج إلى نماذج يقودها القطاع الخاص
السياسات الحكومية وحدها لا تشعل التحوّل الاقتصادي. قصص النجاح من القطاع الخاص يجب أن تقود المسيرة. عندما يبادر رواد الأعمال بالمخاطرة المحسوبة ويحققون نتائج ملموسة، فإنهم يلهمون الحكومة والمجتمع معًا للوثوق باقتصاد السوق. هذا ليس مجرد عمل تجاري — إنه بناء وطن.
خاتمة: وماذا بعد؟
إن نهضة الاقتصاد العراقي حقيقية — لكنها تحتاج إلى قادة، وليس مجرد مستثمرين. يجب أن نمكّن الشباب العراقي من إطلاق المشاريع وتوسيعها واستدامتها لخدمة الشعب والوطن. يجب أن نصدر للعالم ليس النفط فحسب، بل الأفكار أيضًا. وعلينا أن نتذكر: القطاع الخاص ليس منفصلًا عن الوطنية — إنه امتداد لها.